كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بالمشمَّس فإنه يورث البرص (¬١). وليس بشيء لأن الناس ما زالوا يستعملونه ولم يعلم أنّ أحدًا (¬٢) برِصَ، ولأنَّ ذلك لو صحَّ لم يفرَّق بين ما قُصد بتشميسه وما لم يُقصد.
والأثر إن صحَّ فلعل عمر بلغه ذلك، فنهى عنه كما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تأبير النخل، وقال: "ما أراه يغني شيئا"، ثم قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" (¬٣)؛ لأن المرجع في ذلك إلى العادة. وكذلك المسخَّن بالنار إلا أن يكون شديد الحرارة يمنع إسباغ الوضوء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في دخول الحمام بالأُزُر (¬٤)؛ إلا أن يكون الوقود نجسًا، فيكره في أصح الروايتين، لاحتمال وصول بعض أجزاء النجاسة إلى الماء. فإن كان بينهما حاجز حصين كُرِه
---------------
(¬١) أخرجه الشافعي في "الأم" (٢/ ٧)، والدارقطني (١/ ٣٩) ــ ومن طريقهما البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٦) ــ من طريقين ضعيفين عن عمر - رضي الله عنه -.
وفي الباب أحاديث مرفوعة بأسانيد واهية عن عائشة وابن عباس وأنس - رضي الله عنهم -، انظر: "البدر المنير" (١/ ٤٢١ - ٤٤٤)، "إرواء الغليل" (١/ ٥٠ - ٥٤).
(¬٢) في الأصل: "أحد".
(¬٣) أخرجه مسلم (٢٣٦٣) من حديث عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. وفي الباب أيضًا عن طلحة بن عبيد الله ورافع بن خديج - رضي الله عنهما - عند مسلم (٢٣٦١، ٢٣٦٢).
(¬٤) ورد ذلك بعدة ألفاظ، منها: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر"، أخرجه أحمد (١٤٦٥١)، والترمذي (٢٨٠١)، والنسائي (٤٠١) من طرق عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، قال أبو عيسى: "حسن غريب "، وصححه ابن خزيمة (٢٤٩)، والحاكم (٤/ ٢٨٨).
وفي الباب مرفوعًا عن عائشة وأبي أيوب الأنصاري وغيرهما، وذهب قوم إلى أنه لم يصح في الحمام حديث، انظر: "العلل المتناهية" (١/ ٣٤٠ - ٣٤٥)، "التحديث بما قيل لا يصح فيه حديث" لبكر أبو زيد (١٧٦ - ١٧٧).

الصفحة 31