كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولمسلم (¬١): "طهورُ إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلبُ أن يغسله سبعَ مرّات أولاهنّ بالتراب".
ولمسلم (¬٢) أيضًا: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فَلْيُرِقْه ثم ليغسله سبع مرار".
فلما أمر بإراقة الإناء وسمَّى الغسل طُهورًا دلَّ على النجاسة، إذ الطهارة الواجبة (¬٣) في عين البدن لا تكون إلا عن نجاسة.
وعنه: أنه يجب غسلُها ثمانيًا لما روى عبد الله بن مغفّل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبع مرات وعفِّروه الثامنة [١٢/ب] في التراب" رواه مسلم وغيره (¬٤).
والصحيح أنه عدَّ التراب ثامنةً وإن لم تكن غَسلةً، كما قال تعالى: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢]. يحقِّق ذلك أنَّ أهل اللغة قالوا: إذا كان اسم فاعل على العدد من غير جنس المفعول يجعله زائدًا كما قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧]، وإن كان من جنسه جعله أحدَهم لقوله {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: ٤٠]. فلما قال: "سبع مرّات" علم أن التراب سمّاه ثامنًا لأنه من غير الجنس، وإلا قال: "فاغسلوه
---------------
(¬١) برقم (٢٧٩ - ٩١).
(¬٢) برقم (٢٧٩ - ٨٩).
(¬٣) في الأصل: "واجبة".
(¬٤) مسلم (٢٨٠)، أحمد (٢٠٥٦٦)، النسائي (٦٧)، ابن ماجه (٣٢٠١).

الصفحة 36