كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وكذلك في غير هذه الأحاديث أمر بغسل النجاسة، ولو كان العدد واجبًا لذكره في جواب السائل عن التطهير، لأنه وقت حاجة [١٤/ب] ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ولأن المقصود إزالة النجاسة، فإذا زالت لم يجب الزيادة، كغسل الطيب عن بدن المحرم.
والرواية الثانية: يجب أن تغسل ثلاثَ مرّات كما اختاره الشيخ (¬١)، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر القائم من نوم الليل أن يغسل يديه (¬٢) ثلاثًا معلِّلا بتوهُّم النجاسة (¬٣)، فوجوبُ الثلاث مع تحقُّقها أولى. واكتفى في الاستنجاء بثلاثة أحجار، فالاجتزاءُ بثلاث غسلات أولى.
وروي عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل مقعدته ثلاثًا. قال ابن عمر: "فعلناه، فوجدناه دواءً وطهورًا". رواه ابن ماجه (¬٤).
والرواية الثالثة: أنه يجب التسبيع في جميع النجاسات، وهي اختيار أكثر أصحابنا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك في نجاسة الكلب، فوجب إلحاق سائر النجاسات بها، لأنها في معناها. يحقِّق ذلك أنَّ الحكم لا يختصّ
---------------
(¬١) وفي "المغني" اختار الرواية الأولى.
(¬٢) في المطبوع: "يده"، والمثبت من الأصل.
(¬٣) أخرجه البخاري (١٦٢) ومسلم (٢٧٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬٤) برقم (٣٥٦)، وأخرجه إسحاق بن راهويه (١٦٠٤)، وأحمد ــ دون تعقيب ابن عمر - رضي الله عنهما - ــ (٢٥٧٦٢) من طرق عن جابر الجعفي، عن زيد العمي، عن أبي الصديق، عن عائشة - رضي الله عنها -.
ومداره على جابر وزيد وهما واهيان، انظر: "الإعلام بسنته عليه السلام" (١/ ٢٥٠ - ٢٥٢)، "السلسلة الضعيفة" (٤٢٨٣).

الصفحة 42