كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مسألة (¬١): (وإن كانت على الأرض، فصبَّةٌ واحدةٌ تذهب بعينها، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صُبُّوا على بول الأعرابي ذَنوبًا من ماء").
النجاسة على الأرض تفارق ما على المنقولات من ثلاثة أوجه:
[١٦/أ] أحدها: أنه لا يشترط فيها عدد، سواء كان فيها كلب (¬٢) أو غيره.
الثاني (¬٣): أنه لا يشترط انفصال الغُسالة عن موضع النجاسة.
الثالث: أنّ الغُسالة طاهرة إذا لم تتغير. وذلك للحديث الذي ذكره، وهو ما رواه الجماعة عن أبي هريرة أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صُبُّوا على بوله سَجْلًا من ماء، أو ذَنوبًا من ماء" (¬٤).
وقد روي: أنهم حفروا التراب، فألقَوه، وألقَوا مكانه ماءً؛ من وجه مرسل، ووجه منكر، ولم يصحِّحوه (¬٥).
---------------
(¬١) "المستوعب" (١/ ١١٨ - ١١٩)، "المغني" (٢/ ٤٩٩ - ٥٠٢)، "الشرح الكبير" (٢/ ٢٩٥ - ٢٩٧)، "الفروع" (١/ ٣١٨ - ٣١٩).
(¬٢) في الأصل: "كلبًا".
(¬٣) في المطبوع: "والثاني" بزيادة الواو، خلافًا للأصل، وكذا في "الثالث" الآتي.
(¬٤) أحمد (٧٢٥٥) والبخاري (٢٢٠) وأبو داود (٣٨٠) والترمذي (١٤٧) والنسائي (٥٦) وابن ماجه (٥٢٩).
وأخرجه مسلم (٢٨٤) من حديث أنس بن مالك.
(¬٥) أما الوجه المرسل فجاء من طريقين:
أحدهما: طريق عبد الله بن معقل بن مقرن: أخرجه أبوداود (٣٨١) ــ ومن طريقه الدارقطني (١/ ١٣٢) ــ، قال أبو داود: "مرسل؛ ابن معقل لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -". وقال الذهبي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٢٦): "هذا مرسل غريب، يعارضه ما في "الصحيحين"".
والآخر: طريق طاوس: أخرجه عبد الرزاق (١٦٥٩، ١٦٦٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤).
وصحح مغلطاي كلا المرسلَيْن في "الإعلام بسنته عليه السلام" (٢/ ١٧١)، وقال ابن حجر: "هذه الطريق المرسلة مع صحة إسنادها إذا ضمت إلى أحاديث الباب أخذت قوة" "التلخيص الحبير" (١/ ٣٧).
وأما الوجه المنكر فجاء مسندًا من طريقين أيضًا:

أحدهما: طريق عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أخرجه أبو يعلى (٣٦٢٦)، والدارقطني (١/ ١٣١)، ومداره على سمعان بن مالك وهو ضعيف، وقد خالف غيره من الثقات، قال أبو زرعة: "حديث منكر، وسمعان ليس بالقوي" حكاه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٤/ ٣١٦)، وكذا حكم عليه أحمد فيما ذكره مغلطاي في "الإعلام بسنته عليه السلام" (٢/ ١٧١)، وقال أبو داود: "روي متصلًا ولا يصح" "المراسيل" (٧٧).
والآخر: طريق أنس - رضي الله عنه -: أخرجه ابن صاعد كما في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (١/ ٣٣٤)، ونقل عن الدارقطني خطأ هذه الرواية.
وانظر: "علل الدارقطني" (٥/ ٨١)، "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (١/ ٩٠).

الصفحة 46