كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ونحوهما فإنه يطهر بالغسل على أحد الوجهين (¬١)، وذلك بأن يصب عليه الماء الحارّ ويُفتَح في أسفل الوعاء ثقبٌ يخرج منه الماء؛ وإلا الزئبقَ (¬٢) فإنه لا يقوى شيء من النجاسات على مداخلته لقوته وتماسكه فأشبه الجامدات.

مسألة (¬٣): (ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النَّضحُ).
وذلك لِمَا روت أمُّ قيس بنت مِحْصَن الأسدية أنها أتت بابن لها لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضَحه عليه، ولم يغسله (¬٤).
وقالت عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالصبيان، فيبرِّك عليهم، ويحنِّكهم. فأُتي بصبيٍّ، فبال عليه، فدعا بماء، فأتبعَه بولَه ولم يغسله" (¬٥) متفق عليهما.
وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بولُ الغلام الرضيع يُنضَح، وبولُ الجارية يُغسَل". قال قتادة: "وهذا ما لم يَطعَما، فإذا أُطعِمَا (¬٦) غُسِلا جميعًا". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، والترمذي وقال: حديث حسن (¬٧).
---------------
(¬١) اختاره أبو الخطاب. انظر: "المغني" (١/ ٥٢).
(¬٢) قاله ابن عقيل. انظر المصدر السابق.
(¬٣) "المستوعب" (١/ ١٢٠ - ١٢١)، "المغني" (٢/ ٤٩٥ - ٤٩٧)، "الشرح الكبير" (٢/ ٣١٠ - ٣١٢)، "الفروع" (١/ ٣٣٢ - ٣٣٣).
(¬٤) البخاري (٢٢٣)، مسلم (٢٨٧).
(¬٥) البخاري (٦٣٥٥)، مسلم (٢٨٦).
(¬٦) كذا في الأصل، والمشهور: "طَعِما".
(¬٧) أحمد (٧٥٧)، وأبو داود (٣٧٨)، والترمذي (٦١٠)، وابن ماجه (٥٢٥) من طرق عن علي - رضي الله عنه -.
وصححه ابن خزيمة (٢٨٤)، وابن حبان (١٣٧٥)، قال ابن حجر: "إسناده صحيح، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله، وقد رجح البخاري صحته، وكذا الدارقطني" "التلخيص الحبير" (١/ ٣٨).

الصفحة 51