كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصلَّى، ثم تيقَّن الطهارة؛ [١٩٢/ب] وماسحِ الخُفِّ إذا شكَّ في انقضاء المدة، ثم صلَّى، ثم تبيَّن بقاؤها. وكذلك لو صلَّى إلى القبلة بلا اجتهاد ولا تقليد، ثم تيقَّن أنه أصاب؛ أو حكَم الحاكم، أو أفتى المفتي، أو قال في القرآن، أو شهد الشاهد بغير الطريق المشروع، وتبيَّن أنه أصاب.
وإن كان الانقطاع في الصلاة قطَعها بمجرِّده، في أشهر الوجهين، كما مُنع من ابتداء (¬١) الصلاة معه. فإن أتمَّها واتسع زمن الانقطاع تبينَّا بطلانها، وإلا خُرِّج فيها الوجهان. والأظهر أنه يتمُّها هنا، لأن الانقطاع محتمل أن يكون متَّسِعًا، ويحتمل أن يكون ضيِّقًا، فلا تبطل به الصلاة المتيقَّنة، كالمتيمِّم إذا طلع عليه رَكبٌ، وهو في الصلاة، ولم يعلم أنَّ معهم ماءً.
ولو كان لها عادة بانقطاع ضيِّق، فاتّسَع الانقطاع، فهو كما لو عرَض الانقطاع المتّسع ابتداءً، لكن إذا تطهَّرت هنا كانت الطهارة صحيحةً في نفسها. فلو لبست عليها خفًّا كانت قد لبسته على طهارة صحيحة، حتى لو عاد الدم بعد ذلك، ثم انقطع انقطاعًا متَّسِعًا كان لها المسح، بخلاف ما لو جرى الدم قبل اللبس، ثم انقطع الانقطاعَ المعتبر؛ فإنَّا نتبيَّن أنه ملبوس على حدث.
هذا كلُّه إذا عرض الانقطاع. فأمَّا إن كثُر الانقطاع واختلف، ولم يكن له وقت معلوم وقدر معلوم ليُبنَى (¬٢) عليه فيصيرَ مثل العادة، بل تقدَّم تارةً وتأخَّر أخرى، وضاق مرّةً واتسع أخرى، ووُجِد مرَّةً وعُدِم أخرى، فكذلك
---------------
(¬١) قراءة المطبوع: «ابتدأ».
(¬٢) اللام واضحة في الأصل. وفي المطبوع: «يبنى».

الصفحة 580