كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

عادة الصحة والسلامة؛ ولهذا يُستدَلُّ على سقم الأعضاء (¬١) بخروجها عن عادتها.
وقدَّمنا العادة على التمييز، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أفتى به في قضايا متعددة، ولو كان العمل بالتمييز مقدَّمًا لبدأ به. ولأنه لم يستفصل واحدةً منهن عن حال دمها، وتركُ الاستفصال [١٩٥/ب] يوجب عموم (¬٢) الجواب لجميع صور السؤال. ولأنه يبعد أن لا يكون فيهن مميِّزة. ولأنَّ الدم الموجود في العادة (¬٣) هو حيض في غير المستحاضة بكلِّ حال، فكذلك في المستحاضة؛ بخلاف الدم الأسود. ولأن الدم الزائد على العادة حادث مع الاستحاضة، فكان استحاضة كما زاد على أكثر الدم. وهذا لأنَّ الحكم إذا حدَث، وهناك سبب صالح له، أضيف إليه. ولأنَّ الدم الأسود إن كان أقلَّ من العادة، فالصفرة والكدرة في زمن العادة حيض. وإن كان أكثر، فلا دليل على أنه حيض، لاحتمال أن يكون استحاضة. ولأنّ المشهور عندنا أنَّ الدم إذا تغيَّر أول مرة عن حاله لا تلتفت (¬٤) إليه، حتى يتكرَّر فيصير عادة في المبتدأة والمعتادة، مع أنه صالح لِأن (¬٥) يكون حيضًا، فلَأن يعمل بالعادة المتقدِّمة مع الاستحاضة أولى.
---------------
(¬١) في الأصل: «سم الأعظاء».
(¬٢) في الأصل والمطبوع: «عدم»، تحريف.
(¬٣) في الأصل والمطبوع: «العدة».
(¬٤) في المطبوع: «يلتفت»، والمثبت من الأصل.
(¬٥) في الأصل والمطبوع: «لا».

الصفحة 587