كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ذكره البخاري في «صحيحه» (¬١) أنَّ نساءً كنَّ يبعثن إلى عائشة بالدُّرْجَة، فيها الكُرْسُف، فيه الصُّفرة، فتقول: لا تَعْجَلْنَ حتى تريَن القَصَّة البيضاء؛ تريد بذلك الطُّهرَ من الحَيضة. فاعتبرت حصولَ النقاء الخالص، ولم تأمرهن بالعادة. وعن فاطمة بنت المنذر قالت: كنّا في حَجْر جدّتي أسماء، بناتِ بنتها (¬٢)، فكانت إحدانا تطهر من الحيضة، ثم لعلَّ الحيضة تنكِّسها بالصفرة، فتأمرنا أن نعتزل الصلاة ما رأيناها، حتى لا نرى إلا البياض خالصًا. رواه سعيد (¬٣). ولأنَّ الأصل في الدم الخارج أن يكون دمَ حيض، لأنَّ دم الاستحاضة دم مرض وفساد.
ووجه الأول: ما روت عائشة - رضي الله عنها - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر: «إنما هو عِرْق» أو قال: «عروق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (¬٤). وقالت أم عطية: كنَّا لا نعُدُّ الصفرة والكدرة بعد
---------------
(¬١) تعليقاً في باب إقبال المحيض وإدباره، قبل الحديث (٣٢٠).

ووصله مالك في «الموطأ» (١/ ٥٩)، وعبد الرزاق (١١٥٩)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (١/ ٢١٨).
(¬٢) كذا في الأصل و «مسند ابن راهويه»، و «بناتِ» منصوب على الاختصاص. ولكن فاطمة بنت ابن أسماء، وهو المنذر بن الزبير، فالظاهر أن الصواب: «مع بنات بنتها» كما في «مصنف ابن أبي شيبة» و «المغني» (١/ ٤١٤). هذا، وفي «سنن البيهقي» (١/ ٣٣٦): «مع بنات أخيها».
(¬٣) وأخرجه ابن أبي شيبة (١٠١٣)، والدارمي (٨٨٩).، وابن راهويه (٢٢٥٩).
(¬٤) أحمد (٢٤٤٢٨)، وأبو داود (٢٩٣)، وابن ماجه (٦٤٦)، من طريق أبي سلمة، عن أم بكر، عن عائشة به.
في إسناده ضعف، أم بكر مجهولة، كما في «تهذيب التهذيب» (٤/ ٦٩٣)، وقد اختلف في إسناده على أوجه، كما في «العلل» للدارقطني (١٤/ ٤٤٠)، وصححه الألباني بمتابعاته في «صحيح أبي داود ــ الكتاب الأم» (٢/ ٨٤).

الصفحة 591