كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

يكاد يخلو من دماميل وجروح وقروح، فرخَّص في ترك غسلها.
والمعفوُّ عنه: دم الآدمي، ودم البَقّ والبراغيث ــ إن قيل بنجاسته ــ ودم الحيوان المأكول. فأما المحرَّم الذي له نفس سائلة، فلا يعفى عن دمه لأن التحرُّز منه ممكن (¬١)، وهو مغلَّظ [٢٠/أ]. لكون لبنه نجسًا. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خلع نعليه في الصلاة، وعلَّل بأنّ فيهما دمَ حَلَمة (¬٢).
وكذلك دم الحيضة وما خرج من السبيلين لا يعفى عنه في أصحّ الوجهين، لأنه يغلظ بخروجه من السبيل، ولذلك ينقض قليله الوضوء، والتحرُّز منه ممكن.
وأما قدرُ اليسير فعنه: ما دون شبر في شبر. وعنه: ما دون قدر الكفّ. وعنه: القطرة والقطرتان. وقيل عنه: ما دون ذراع في ذراع.
والمشهور عنه: ما يفحش في النفس، لأن ابن عباس قال في الدم: "إذا كان فاحشا أعاد" (¬٣)، ولأن التقدير مرجعه العُرف إذا لم يقدَّر في الشرع ولا
---------------
(¬١) في المطبوع: "يمكن"، والمثبت من الأصل.
(¬٢) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} قال: الصلاة في النعلين، وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نعليه، فخلعهما فخلع الناس، فلما قضى الصلاة قال: "لم خلعتم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، قال: "إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إن فيهما دم حلمة"، أخرجه الدارقطني (١/ ٣٩٩)، وفي إسناده صالح بن بيان وفرات بن السائب متروكان. وقد ثبتت قصة خلع النعلين في الصلاة من حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود (٦٥٠) وغيره ولكن بلفظ: "أن فيهما قذرًا" أو "أذًى". انظر: "البدر المنير" (٤/ ١٣٤ - ١٣٨).
(¬٣) ولفظه: "إذا كان الدم فاحشًا فعليه الإعادة، وإن كان قليلًا فلا إعادة عليه"، أخرجه الأثرم في "السنن" (٢٧٠)، وابن المنذر في "الأوسط" (١/ ١٧٢)، ورجال إسناده ثقات.

الصفحة 61