كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

باب النفاس
(وهو الدم الخارج بسبب الولادة، وحكمه حكم الحيض) (¬١).
دم النفاس [٢٠٤/أ] هو دم الحيض المحتقن في الرحم، الفاضل عن (¬٢) رزق الولد. فلما خرج الولد تنفَّست الرَّحِمُ، فخرج بخروجه. وحكمُه حكم الحيض فيما يُوجبه من الغسل، ويُحرِّمه من الوطء والعبادات، ويُسقِطه من الصلاة، لأنه هو (¬٣).
فأمَّا الولادة العريَّة عن دمٍ (¬٤)، ففيها وجهان:
أحدهما: يجب فيها الغسل، لأنها مظنَّة خروج الدم غالبًا، فأقيمت مقامه. كالوطء مع الإنزال، والنوم مع الحدث، وانتقال المنيِّ مع ظهوره.
والثاني: لا يجب، لأنَّ وجوب الغسل هنا ليس بمنصوص ولا في معناه. والحكمة هنا ظاهرة منضبطة، فيجب تعليق الحكم بها دون المظنَّة. ولأنه كان منيًّا فانعقد واستحال، فلم يجب فيه غسلٌ كالعَلَقة والمُضْغة.
---------------
(¬١) انظر: «المستوعب» (١/ ٨٨)، «المغني» (١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، ٤٢٩ - ٤٣٢)، «الشرح الكبير» (٢/ ١٠٥)، «الفروع» (١/ ٣٩٦).
(¬٢) في المطبوع: «من». والمثبت من الأصل، وسيأتي مرة أخرى في هذه المسألة.
(¬٣) يعني: لأن النفاس هو الحيض في الأصل، كما سبق. وفي المطبوع زاد بعده: «دم الحيض» مع التنبيه على زيادته.
(¬٤) أثبت في المطبوع: «الدم»، دون إشارة إلى ما في الأصل، وهو صحيح. انظر مثله في «المستوعب» (١/ ٨٨) و «المغني» (١/ ٢٧٨).

الصفحة 610