كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والمسّ وغير ذلك، وأمر بإراقتها، ولعن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عينها (¬١)، فهي كالدم وأولى لامتيازها عليه بالحدّ وغيره.
ولا يجوز القصد إلى تخليلها، فإن خُلِّلت لم تطهر في المنصوص المشهور، لما روى أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[٢١/ب] سئل عن الخمر تُتَّخذ خلًّا، قال: "لا". رواه مسلم وغيره (¬٢).
وعنه أيضًا: أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرًا، فقال: "أَهْرِقُها". قال: أفلا نجعلها خلًّا؟ قال: "لا". رواه أحمد وأبو داود (¬٣).
وقيل عنه: تطهر، وقيل: تطهر (¬٤) بنقلها من مكان إلى مكان دون إلقاء شيء فيها.
فأما إن ابتدأ الله قلبها طهرت، وإن أمسكها كذلك، سواء اتخذ (¬٥) العصير للخلّ أو للخمر في المشهور. وقيل: إن اتخذه للخمر ثم أمسكه حتى تخلَّل لم تطهر. والأول أصح لقول عمر: "لا تأكل خلًّا من خمر أفسدت حتى يبدأ الله
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (٤٧٨٧)، وأبو داود (٣٦٦٦)، وابن ماجه (٣٣٨٠) من حديث ابن عمر. ولا تخلو أسانيده من مقال، غير أن له شاهدًا من حديث أنس وابن عباس، انظر "البدر المنير" (٨/ ٦٩٨ - ٧٠١).
(¬٢) مسلم (١٩٨٣).
(¬٣) أحمد (١٢١٨٩، ١٣٧٣٣)، وأبو داود (٣٦٧٥)، من طرق عن السدي، عن أبي هبيرة، عن أنس - رضي الله عنه -. وهو إسناد صحيح، وبه أخرج مسلم الحديث، وقد سبق لفظه آنفًا.
وقد اختلف على السدي؛ فجعله بعض الرواة عنه من مسند أبي طلحة، وجعله آخرون من مسند أنس، وصحح الأخير الدارقطني في "العلل" (٦/ ١٢).
(¬٤) "تطهر" ساقط من المطبوع.
(¬٥) في المطبوع: "ليتخذ".

الصفحة 66