كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

المنيَّ من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يذهب فيصلي فيه". رواه الجماعة إلا البخاري (¬١). ولو كان نجسًا لم يجزئ فركُه كسائر النجاسات.
والرواية الأخرى: هو نجس يجزئ فركه لهذا الحديث، لأن الفرك إنما يدل على خفة النجاسة كالدم. ولهذا يجزئ مسح رطبه على هذه الرواية ــ نصّ عليه، ذكره القاضي ــ كفرك يابسه (¬٢)، وإن كان مفهوم كلام أكثر أصحابنا أنه لا يجزئ إلا الفرك كقول أبي حنيفة فإنه خلاف المذهب.
ويختصّ الفرك بمني الرجل لأنه أبيض غليظ يذهب الفرك والمسح بأكثره، بخلاف مني المرأة، فإنّ الفرك والمسح لا يؤثِّر فيه طائلًا، وإنما يجب الغسل أو المسح أو [٢٢/أ] الفرك في كثيره. فأما يسيره فيعفى (¬٣) عنه كالدم وأولى.
وإذا اشتبه موضع الجنابة فرَك الثوبَ كلّه، أو غسل ما رأى وفرك ما لم ير. وهذا مشروع (¬٤) على الرواية الأولى استحبابًا، والأولى أشهر لأن الأصل في النجاسة وجوب الغسل، ولأن (¬٥) ابن عباس سئل عن المني يصيب الثوب فقال: "أمِطْه عنك ولو بإذخِرة (¬٦) أو خرقة، فإنما هو بمنزلة
---------------
(¬١) أحمد (٢٤٩٣٦)، ومسلم (٢٨٨)، وأبو داود (٣٧٢)، والترمذي (١١٦)، والنسائي (٢٩٦)، وابن ماجه (٥٣٧) من طرق عن عائشة - رضي الله عنها - بألفاظ متقاربة.
(¬٢) نقله في "المستوعب" (١/ ١٢٠) عن ابن أبي موسى. وانظر: "الإرشاد" (ص ١٨).
(¬٣) في المطبوع: "يعفى". والمثبت من الأصل.
(¬٤) في الأصل: "مشروعًا".
(¬٥) زاد بعدها في المطبوع: "أثر".
(¬٦) في المطبوع: "بإذخر".

الصفحة 68