كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
فإنه رجل ضرير. وإذا أذَّن بلال فارفعوا أيديكم، فإنَّ بلالًا لا يؤذِّن حتى يُصبح» (¬١). قال ابن خزيمة (¬٢): إن الأذان كان نُوَبًا بين بلال وابن أم مكتوم, فكان يتقدَّم بلال ويتأخَّر عمرو، ويتقدَّم عمرو ويتأخَّر بلال.
فأما في شهر رمضان، فقد كره الإمام أحمد الأذان قبل طلوع الفجر. قال: لأنه يمنع الناس من السَّحور (¬٣). يعني: إذا لم يكن مؤذِّنان، كما كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا بأس به حينئذ. والكراهة المطلقة من الإمام تُحمَل على التحريم أو التنزيه؟ فيه وجهان.
وذكر الآمدي في جواز الأذان في رمضان قبل الفجر روايتين:
إحداهما: لا يجوز، لما فيه من منع الناس من السَّحور المشروع، وتحريم ما أباح الله لهم.
والثانية: يجوز، لأنه إذا عُلِم أنه يؤذِّن قبل الوقت لم يقلَّد في ذلك.
فصل (¬٤)
وليس عن أحمد نصٌّ في أول الوقت الذي يجوز فيه التأذين، إلا أن أصحابنا قالوا: يجوز بعد منتصف الليل، كما تجوز الإفاضةُ من مزدلفة، ورميُ الجمرة، والطوافُ وحلقُ الرأس بعد ذلك. قالوا: لأن النصف الثاني هو التابع لليوم الثاني بخلاف الأول، ولأنه حينئذ يكون قد ذهب معظمُ
---------------
(¬١) برقم (٢٥٥٢١). وصححه ابن خزيمة (٤٠٧).
(¬٢) في «صحيحه». انظر تعليقه على الحديث (٤٠٨).
(¬٣) انظر: «المغني» (٢/ ٦٥).
(¬٤) لخَّص ابن اللحام هذا الفصل في اختياراته (ص ٤٠).