كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
بالقول، كما في حديث عمر وغيره، ولقوله عليه السلام: «إذا سمعتم المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقول» (¬١)، ولأنه بذلك يحصل له أجرُ استماع الأذان وموافقة المؤذِّن.
قال أصحابنا: ويُستحبُّ إذا سمع الإقامة أن يقول مثلَ ما يقول المؤذِّن، لما تقدَّم. فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال: أقامها الله وأدامها. فأمَّا المنادي بالإقامة، فلا يُستحبُّ له أن يقول سرًّا ما يقول علانيةً، لأن الإقامة تُحدَر، ولا يحصل بينها (¬٢) [ص ٩] سكوت.
وإذا أقيمت الصلاة وهو قائم، فيستحبُّ له أن يجلس، وإن لم يكن صلَّى تحية المسجد. قال ابن منصور (¬٣): رأيت أبا عبد الله أحمد يخرج عند المغرب، فحين انتهى إلى موضع الصفِّ أخذ المؤذِّن في الإقامة، فجلس، لما روى عبد الرحمن بن أبي ليلى: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جاء، وبلال في الإقامة، فقعَد. رواه الخلال (¬٤). ورواه أبو حفص، ولفظه: دخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلالٌ يؤذِّن، فجلَس (¬٥). ولأنَّ القيام قبل الشروع في الصلاة غير مشروع، وتحيةُ المسجد قد سقطت بالإقامة، فإنَّها إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا
---------------
(¬١) تقدَّم تخريجه.
(¬٢) في المخطوط حاشية: «بالأصل بينهما».
(¬٣) هو إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج. انظر: «مسائله» (٢/ ٧٩٦)، و «المغني» (٢/ ٦٧).
(¬٤) لم أقف عليه مسندًا، وعزاه إليه ابن قدامة في «المغني» (٢/ ٦٧)، وابن رجب في «فتح الباري» (٥/ ٤٢٠)، وهو مرسل.
(¬٥) لم أقف عليه.