كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

باختلاف الأصوات، بخلاف الخطبة.
ولا يقيم إلا بإذن الإمام، فإنَّ أمرَ الصلاة إليه. قال علي - رضي الله عنه -: المؤذِّن أملَكُ بالأذان، والإمام أملَكُ بالإقامة. رواه سعيد وأبو حفص (¬١).

والسنَّة أن يكون الأذان والإقامة في موضع واحد. فإذا أذَّن في مكان استُحِبَّ أن يقيم فيه، لا في الموضع الذي يصلِّي فيه، لما احتجَّ به الإمام أحمد - رحمه الله - عن بلال - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسولَ الله، لا تَسْبِقْني بآمين. رواه أحمد وأبو داود (¬٢). وقال إسحاق بن راهويه: وكذلك أبو هريرة وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا لأئمتهم. ولو كانت الإقامة موضعَ الصلاة لم يخشوا أن يُسْبَقوا بآمين. فعُلِمَ أنَّ الإقامة كانت حيث يسمعها الغائبون عن المسجد: إمَّا موضعَ الأذان أو قريبًا منه.
وكذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم الإقامة فامشُوا إلى الصلاة. وعليكم بالسكينة» متفق عليه (¬٣). وقد تقدَّم (¬٤) قولُ ابن عمر - رضي الله عنه -: كنَّا إذا سمعنا
---------------
(¬١) وأخرجه عبد الرزاق (١٨٣٦)، وابن أبي شيبة (٤١٩٤)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (٥/ ٤٤١).
(¬٢) أحمد (٢٣٨٨٣)، وأبو داود (٩٣٧)، من طرق عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال بلال به.
في إسناده ضعف، اختلف فيه على أبي عثمان وصلًا وإرسالًا، ورجح الحفاظ إرساله، قال أبو حاتم: «هذا خطأ، رواه الثقات عن عاصم، عن أبي عثمان، أن بلالًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل»، «العلل» (٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧)، ووافقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ٢٣)، وابن رجب في «فتح الباري» (٤/ ٤٨٩ - ٤٩٠).
(¬٣) من حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري (٦٣٦) ومسلم (٦٠٢).
(¬٤) فيما سقط من أول النسخة.

الصفحة 129