كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وقوله: «الإسلام يهدم [٢١٢/أ] ما قبله» يعني (¬١): من تركِ الواجبات وفعلِ المحرَّمات، بخلاف الهجرة والحجِّ فإنهما يهدمان ما فعل من إثم فيما بين العبد وبين الله تعالى، دون ما ترك من واجب يُقضَى؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا ممن أسلم أن يقضي صلاةً ولا صومًا ولا زكاةً، ولم يأخذه (¬٢) بضمان دم ولا مال ولا شيء (¬٣) من الأشياء.
وهذا لأنّ الكافر كان منكرًا للوجوب وللتحريم، فكان الفعل والترك داخلًا في ضِمْن هذا الاعتقاد الباطل، وفرعًا له. فلما تاب من هذا الاعتقاد وموجَبِه غفر الله له الأصلَ وفروعَه (¬٤)، ودخلت هذه الفروع فيه في حال المغفرة، كما دخلت فيه في حال المعصية. بخلاف من تركه معتقدًا للوجوب، فإنَّ (¬٥) الترك هناك غير مضاف إلى غيره بل إلى كسل، فالتوبةُ منه بالنشاط إلى فعل ما ترَك (¬٦).
ولا يخاطَب الكافرُ بفعلها إلا بعد أن يُسلِم، لما روى ابن عباس أنَّ النبيَّ
---------------
(¬١) لفظ «يعني» ساقط من الأصل والمطبوع.
(¬٢) في الأصل والمطبوع: «ولا يأخذه». وفي (ف): «ولم يأخذ». وأشار الناسخ في حاشيته إلى أن في نسخة: «يأخذه».
(¬٣) في الأصل والمطبوع: «بشيء»، والمثبت من (ف).
(¬٤) «وفروعه» ساقط من (ف).
(¬٥) في (ف): «ولأن».
(¬٦) ورد في الأصل هنا عبارة: «ولأنَّ تخلل المسقط ... يجب القضاء»، وليس هذا محلّها، وسترد بعد قليل (ص ١٧) في مكانها الصحيح.

الصفحة 14