كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
عبد الله بن عمرو (¬١) وأبي هريرة (¬٢) فاقتدي به في ذلك. وقال بعض أصحابنا: هي أولُ ما فرض الله من الصلوات. ولأن الله سبحانه بدأ بها في قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨].
ومنهم من يبدأ بالفجر كابن أبي موسى (¬٣)، وأبي الخطاب (¬٤)، والقاضي في بعض كتبه (¬٥). وهذا أجود إن شاء الله، لأن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وإنما تكون وسطى إذا كانت الفجر الأولى. ولأن [ص ١٩] النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «المغربُ وترُ النهار، فأوتِروا صلاةَ الليل» رواه أحمد من حديث ابن عمر (¬٦). فجعل جميع الصلوات مُوتَرة (¬٧)، فلو كانت الظهر هي الأولى لخرجت الفجر عن أن تكون داخلةً في وتر النهار أو وتر الليل، وذلك لا يجوز. ولأن الفجر هي المفعولة في أول النهار، فحقيقة الابتداء موجود (¬٨) فيها.
ولأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بيَّن المواقيت في المدينة بفعله في حديث أبي
---------------
(¬١) في الأصل: «عمر»، وصوابه من المطبوع. وسيأتي حديثه.
(¬٢) سيأتي تخريجهما.
(¬٣) في «الإرشاد» (ص ٤٩).
(¬٤) في «الهداية» (ص ٧١).
(¬٥) انظر: «الجامع الصغير» له (ص ٢٦).
(¬٦) برقم (٤٨٤٧)، من طريق هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عمر به.
رجاله ثقات، وصححه ابن حزم في «المحلى» (٣/ ٤٨)، وابن حجر في «تسديد القوس» (٢/ ٥٣٩)، ووقع خلاف في رفعه ووقفه كما في «العلل» للدارقطني (١٣/ ١٩٠).
(¬٧) في المطبوع: «موتورة»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(¬٨) كذا في الأصل والمطبوع بالتذكير، وكأنه نظر في الخبر إلى المضاف إليه.