كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وأنَّ (¬١) الكفر الطارئ يهدِم ما كان (¬٢) قبله من الصالحات، كما أنَّ الإيمان الطارئ يهدم ما كان قبله من السيئات. والقضاءُ إنما يراد به جبرُ ما حصل (¬٣) من الخلل في العمل، فإذا حبِط الجميعُ فلا معنى لجبره، مع ظاهر قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨].
وعنه رواية أخرى (¬٤): أنه يلزمه قضاء الجميع. أمّا ما قبل الردَّة (¬٥)، فلوجوبه عليه. وأمَّا ما بعد الردَّة، فلأنه قد (¬٦) التزم حكمَ الإسلام، فلا يُقبل منه الرجوع عنه؛ [٢١٣/أ] كالمسلِم إذا تركها عامدًا. ولهذا يضمن ما أتلفه في حال الردَّة من دم (¬٧) أو مال، على المنصوص. ولهذا لا يُقَرُّ على دينه بعقد جزية ولا رِقٍّ (¬٨).
---------------
(¬١) استبدل به في المطبوع: «لأنَّ». والذي في الأصل و (ف) صواب، وسياق الكلام: «بناءً على أنَّ الردة تُحبِط العمل، وأنَّ الكفر ... ».
(¬٢) «كان» ساقط من (ف) هنا وفي الجملة التالية.
(¬٣) في الأصل بعده: «به». وكذا في المطبوع.
(¬٤) ذكرها أيضًا ابن شاقلا عن أحمد كما في «المغني» (٢/ ٤٨). وقال ابن مفلح في «نكته على المحرر» (١/ ٢٩): «والروايتان في مسألة الحج مشهورتان ذكرهما جماعة، منهم أبو إسحاق بن شاقلا ... وأما مسألة الصلاة فلا أجد أحدًا ذكر فيها نصًّا عن الإمام أحمد».
(¬٥) في النسختين: «قبل الإسلام»، والمثبت من المطبوع.
(¬٦) «قد» من (ف).
(¬٧) قراءة المطبوع: «دية».
(¬٨) في الأصل: «بغير جزية ولا فرق»، وفي (ف): «بجزية ولا رق». ويظهر أن «بغير» في الأصل تحريف «بعقد» كما أثبت.

الصفحة 16