كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

بعضهم: ثلثَ الليل، وقال بعضهم: شطَره. ومعلوم أنه ما صلَّى العشاء قبل [مغيب] (¬١) الشفق الأحمر، فَعُلِم أنه صلَّاها قبل مغيب الأبيض.
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وقتُ المغرب ما لم يسقط ثَورُ الشَّفق» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (¬٢) ولفظه [ص ٣٣]: «فَورُ الشَّفق». وثَور الشفق: ثَوَرانُ حمرته. وفَوره: فَوَرانُه وسطوعُه (¬٣). وهذا إنما يكون في الشفق الأحمر. ولأن الأحمر أظهر في الاستعمال من الشفق الأبيض. قال الفراء (¬٤): سمعتُ بعضَ العرب يقول: عليه ثوب كأنه الشفق. وكان أحمر.
ولهذا فسَّر أكثرُ الناس قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: ١٦] بالحمرة وما قبلها من النهار. وفهم أكثر الصحابة (¬٥) وأكابرهم من الشفق: الحمرة. قال عمر وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة - رضي الله عنهم -: الشفق: الحمرة (¬٦). وقال عبادة بن الصامت وشدَّاد بن أوس: الشفق شفقان: الحمرة والبياض. فإذا غابت الحمرة حلَّت الصلاة (¬٧). وإنما نقل خلاف هذا عن أنس، وأبي هريرة أيضًا (¬٨).
---------------
(¬١) زيادة يقتضيها السياق.
(¬٢) تقدم تخريجه.
(¬٣) انظر: «معالم السنن» (١/ ١٢٦ - ١٢٧) و «المغني» (٢/ ٢٦).
(¬٤) في «معاني القرآن» (٣/ ٢٥١).
(¬٥) في الأصل: «أصحابه»، والمثبت من المطبوع.
(¬٦) انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (١/ ٥٤٨).
(¬٧) المصدر السابق.
(¬٨) انظر: «الإشراف» لابن المنذر (١/ ٣٩٩)، و «الاستذكار» (١/ ٧١).

الصفحة 177