كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
٢١٧]. والإطلاق في الآيات البواقي لا يمنع [٢١٣/ب] ذلك، لأنَّ كلَّ عقوبةٍ مرتَّبةٍ على كفر، فإنها مشروطة بالموت عليه؛ كما أنَّ كلَّ مثوبة مرتَّبة على إيمان، فإنها مشروطة بالموت عليه (¬١).
فإن قيل: التقييد في هذه الآية بالموت على الكفر إنما كان لأنه رتَّب عليه (¬٢) شيئين، وهما (¬٣): حبوط العمل، والخلود في النار، والخلود إنما يستحقُّه الكافر؛ وتلك الآيات إنما ذُكِر فيها الحبوط فقط، فعُلِم أنَّ مجرَّد الردَّة كافٍ (¬٤) فيه.
قلنا: قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة، ٥] وقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥]، لا يكون إلا لمن مات مرتدًّا، لأنَّ الخاسرين: الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، وهذا ليس لمن مات على عمل صالح.
ولأنه (¬٥) إذا عاد إلى الإسلام فقد غُفِر له الارتداد الماضي، فإن (¬٦) التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجَباته، وحبوطُ العمل من موجَباته. يبيِّن هذا أنه لو كان فعَل في حال الردَّة ما
---------------
(¬١) «كما أن كل مثوبة ... عليه» ساقط من الأصل والمطبوع.
(¬٢) في الأصل والمطبوع: «مرتب على»، والمثبت من (ف).
(¬٣) في النسختين والمطبوع: «وهو».
(¬٤) في الأصل: «كان»، وهو تصحيف ما أثبت من (ف). وفي المطبوع: «كافية».
(¬٥) في الأصل: «فلانه»، والمثبت من (ف). وفي المطبوع: «لأنه».
(¬٦) في المطبوع: «لأن»، والمثبت من النسختين.