كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وهذه الصلاة أربع ركعات بالنقل العامِّ.
وتسمَّى «العشاء»، لقوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: ٥٨]. وهو أفضل من تسميتها بـ «العَتَمة». وإن سمِّيت «العتَمة» لم يُكرَه إلا أن يُهجَر اسمُ العشاء، لأن في «الصحيحين» (¬١) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلَمون ما في العتَمة والصبح لأتوهما ولو حَبْوًا». وقد صحَّ من وجوه كثيرة عن أبي موسى وابن عباس وعائشة وجابر بن سمُرة (¬٢) أنهم سمَّوها «العتمة». ولأنَّ ذلك نسبة إلى وقتها، فأشبَه المغربَ والفجرَ.
وإنما كُرِه تركُ ذلك الاسم لما روى ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تغلِبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم. ألا إنَّها العشاء. وهم يُعتِمُون بالإبل» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (¬٣). ولمسلم (¬٤): «لا تغلبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم العِشاء، فإنَّها في كتاب الله العِشاء. وإنها تُعتِمُ بحِلاب الإبل».
وفيه وجه ثان: أنه يُكرَه أن تسمَّى بالعتمة لظاهر الحديث وحملًا لأحاديث الرخصة على أنها منسوخة. ذكره الآمدي (¬٥).
---------------
(¬١) البخاري (٦١٥) ومسلم (٤٣٧).
(¬٢) حديث عائشة في البخاري (٨٦٤) ومسلم (٦٣٨) وحديث جابر بن سمرة في مسلم (٦٤٣). وحديث ابن عباس في «سنن أبي داود» (٢٣١٣). وحديث أبي موسى في البخاري (٥٦٧) فيه: «فأعتم بالصلاة»، ونحوه في حديث ابن عباس في البخاري (٥٧١).
(¬٣) أحمد (٤٥٧٢)، ومسلم (٦٤٤)، والنسائي (٥٤١)، وابن ماجه (٧٠٤).
(¬٤) برقم (٦٤٤/ ٢٢٩).
(¬٥) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٤٠٨ - ٤٠٩).

الصفحة 182