كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

تقتضيه الردَّة من شتم أو سبٍّ أو شُربٍ (¬١) لم يُقَم عليه إذا أسلم.
ولأنَّ الكافر (¬٢) الحربيَّ لو تقرَّب إلى الله بأشياء، ثم خُتِم له بالإسلام، لكانت محسوبةً له، بدليل ما روى حكيم بن حِزام قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيت أمورًا كنتُ أتحنَّث بها في الجاهلية من صدقة (¬٣) وعتاقة وصلة، هل فيها من أجر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أسلمتَ على ما سلَف لك مِن [٢١٤/أ] خيرٍ» متفق عليه (¬٤).
فإذا كان الكفرُ المقارِنُ (¬٥) للعمل لا يُحبِط إلا بشرط الموت عليه، فأن لا يحبطَه (¬٦) الكفر الطارئ إلا بشرط الموت أحرى وأولى، لأنَّ بقاءَ الشيء أولى (¬٧) من ابتدائه وحدوثه، والدفع أسهل من الرفع. ولهذا فإنَّ (¬٨) الردَّة والإحرام والعِدَّة تمنع ابتداء النكاح، دون دوامه. كيف وتلك الأعمال حين عُمِلت عُمِلت لله سبحانه، وقد غفَر الله ما كان بعدها من الكفر بالتوبة منه.
---------------
(¬١) في المطبوع: «شرك»، والمثبت من النسختين.
(¬٢) «الكافر» ساقط من (ف).
(¬٣) في الأصل: «حلوه» مع وصل الواو بالهاء. وفي (ف): «صلاة»، وكذا في المطبوع، وهو تحريف ما أثبتنا من «الصحيحين».
(¬٤) البخاري (١٤٣٦) ومسلم (١٢٣/ ١٩٥).
(¬٥) في الأصل: «المقارب»، والمثبت من (ف)، وكذا في المطبوع.
(¬٦) في (ف): «فإنه»، وفي المطبوع: «فإنه لا يحبط»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(¬٧) في (ف): «أقوى».
(¬٨) في الأصل: «قال»، وفي المطبوع: «قالوا»، والمثبت من (ف).

الصفحة 19