كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ومن أصحابنا من قال: يُحبِط العمل مطلقًا، لكن قال: الإحباط هو (¬١) إهدارُ الثواب، لا إبطال العمل في نفسه؛ بدليل أنه لا ينقض ما قبل الردَّة من الأمور المشروطة بالإسلام، كالحكم والولاية والإرث والإمامة والذبح. فلا تبطل صلاةُ من صلَّى خلفه (¬٢)، ولا يحرُم ما ذبحه قبل الردَّة. ولا يلزم من بطلان ثوابه بما فعله سقوطُ الواجب الذي لم يفعله، فإنّ الردَّة تناسب التشديد لا التخفيف.
ثم نقول: فعلُ المكتوبة له فائدتان. إحداهما: أنه يقتضي الثواب. والثانية: أنه يمنع العقاب الواجب بتقدير الترك. فإذا ارتدَّ ذهبت الفائدة الواحدة (¬٣) وهي (¬٤) الثواب، وبقيت الأخرى، وهي منعُ العذاب على الترك، بحيث لا يعذَّب مَن فعل وحبط (¬٥) عمله، على نفس ما فعله من الخير (¬٦)، وإنما يعذَّب على الكفر المُحبِط، كما يعذَّب من لم يفعل. وهذا الخلل [٢١٤/ب] يتعيَّن جبرُه، وإلا عوقب على الترك.
وهذا معنى ما يجيء في كثير من الأعمال الواجبة أنها غير مقبولة، أي لا ثواب فيها، وإن أبرأت الذمَّةَ، بحيث لولا الفعلُ لكان معاقَبًا (¬٧)، ولولا
---------------
(¬١) «هو» ساقط من (ف).
(¬٢) في المطبوع: «خلفهم»، والصواب ما أثبت من الأصل و (ف).
(¬٣) كذا في النسختين، وفي المطبوع: «فائدة واحدة».
(¬٤) «وهي» ساقط من الأصل.
(¬٥) في الأصل: «يحبط»، والمثبت من (ف).
(¬٦) كذا وقعت هذه العبارة في النسختين والمطبوع.
(¬٧) في الأصل: «مكافيا»، وقراءة المطبوع: «مكلَّفًا»، ولعل الصواب ما أثبتنا.

الصفحة 20