كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وأما من زال عقله بغير الجنون (¬١)، فيجب عليه القضاء، سواء كان السبب مباحًا أو محرَّمًا (¬٢)، من فعله أو من غير فعله، كالسكران ببَنْجٍ (¬٣) أو خمرٍ (¬٤)، والنائم، والمغمَى عليه لمرضٍ أو شُربِ دواء أو غير ذلك.
وقال القاضي: إن كان الإغماء بشرب دواء مباح لم يجب القضاء، لأنه لو وجب القضاء لامتنع من شرب الدواء، بخلاف إغماء المريض (¬٥).
والمباح: هو ما تحصل معه السلامة في أغلب الأحوال، وإن كان سمًّا (¬٦) في أقوى الوجهين. وفي الآخر: لا يجوز شربُ السَّمِّ بحال (¬٧).
وقيل: إن كان عقله يزول بالدواء ويطول (¬٨)، فهو كالمجنون. وإن كان لا يدوم كثيرًا، فهو كالإغماء.
والأول: المذهب، لأنها عبادة، فلم (¬٩) تسقط بالإغماء، كالصيام وسائر العبادات (¬١٠).
---------------
(¬١) في المطبوع: «بغير جنون»، والمثبت من الأصل و (ف).
(¬٢) في (ف): «حرامًا».
(¬٣) نبات طبي مخدِّر، فارسي معرب. انظر: «القول الأصيل فيما في العربية من الدخيل» (ص ٥٧).
(¬٤) في (ف): «بخمر أو بنج».
(¬٥) انظر: «شرح الزركشي» (١/ ٤٩٨) و «الإنصاف» (٣/ ١٠ - ١١).
(¬٦) غير محررة في (ف)، وقال الناسخ في الحاشية: «لعله: مباحًا»، وهو خطأ.
(¬٧) «شرب السم بحال» ساقط من (ف).
(¬٨) في النسختين: «لا يطول»، والمثبت من المطبوع.
(¬٩) «فلم» ساقط من الأصل.
(¬١٠) العبارة «والأول: المذهب ... بالإغماء» جاءت في الأصل قبل الفقرة السابقة بعد «شرب السم بحال». و «كالصيام وسائر العبادات» جاء في آخر الفقرة السابقة بعد «كالإغماء». والمثبت من (ف).

الصفحة 25