كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
قال الإمام [٢١٦/أ] أحمد (¬١): أغمي على عمَّار بن ياسر ثلاثًا، فقضى (¬٢). وروي نحو ذلك عن سمُرة بن جُندُب وعمران بن حصين (¬٣).
وهذا لأنَّ هذه الأسباب هي بين محرَّم لا يُعذَر في شربه وبين مباح تقصُر (¬٤) مدته غالبًا، فأشبه النومَ. ويفارق الجنون، فإنه يطول غالبًا، وينافي أهلية التكليف، ويوجب الولاية على صاحبه، ولا يجوز على الأنبياء. ولأنَّ الإغماء والنوم ونحوهما (¬٥) يزيل الإحساس الظاهر والعقل الظاهر، وإلا فيجوز أن يرى رؤيا، ويُوحَى إليه في حال نومه وإغمائه، ويكون زوال العقل تبعًا لزوال الحسِّ الظاهر (¬٦)؛ بخلاف المجنون فإنَّ حسَّه وإدراكه باقٍ، والعقل زائل، فهو في ذلك كالبهائم (¬٧). ولهذا النائمُ (¬٨) والمغمى عليه يندر منهما القول والعمل، بخلاف المجنون.
---------------
(¬١) في مسائل عبد الله (ص ٥٧ - ٥٨) وصالح (٢/ ٢٠٢) والكوسج (٢/ ٦٩١ - ٦٩٢).
(¬٢) «فقضى» ساقط من الأصل. وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٣٩٢)، وبنحوه عبد الرزاق (٤١٥٦)، وابن أبي شيبة (٦٦٤٦).
(¬٣) أخرج الأثرين ابن أبي شيبة (٦٦٤٧)، وابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٣٩٢).
(¬٤) في (ف): «اقصر».
(¬٥) «ونحوهما» ساقط من الأصل.
(¬٦) في المطبوع: «حس الظاهر»، والمثبت من النسختين.
(¬٧) في الأصل: «كالنائم»، فأصلحه في المطبوع بزيادة «ليس» قبله.
(¬٨) في الأصل: «ثم ولهذا المجنون»، والمثبت من (ف). وكذا أصلحه في المطبوع من غير إشارة إلى ما في الأصل.