كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فأمَّا الحجّ فلا يجب عليه قبل الاحتلام قولًا واحدًا، لقوله: «أيُّما صبيٍّ حجَّ به أهلُه ثم احتلم، فعليه حَجَّة أخرى» وهذا يروى مرسلًا وموقوفًا على (¬١) ابن عباس (¬٢).
وكذلك لو بلغ بالسنِّ أو الإنبات ولم يحتلم لم يجب عليه.
ولو (¬٣) حجَّ بعد البلوغ بالسنِّ ثم [٢١٧/أ] احتلم لزمه إعادةُ الحج في رواية منصوصة، على ظاهر الحديث الوارد فيه؛ ولأنَّ السنَّ والإنبات (¬٤) ليس هو في (¬٥) الحقيقة الإدراك، لأنَّ الله إنما علَّق الأحكامَ ببلوغ الحلُم بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦]، وقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: ٥٩]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
---------------
(¬١) في الأصل والمطبوع: «عن» والمثبت من (ف).
(¬٢) أما المرسل فأخرجه أبو داود في «المراسيل» (١٣٤) من حديث محمد بن كعب القرظي، وفي إسناده انقطاع.
وأما الموقوف فأخرجه ابن أبي شيبة (١٥١٠٥)، وابن خزيمة (٣٠٥٠)، والبيهقي (٥/ ١٧٩) بإسناد صحيح.

وجاء من وجه آخر مرفوعًا عند ابن خزيمة (٣٠٥٠)، والحاكم (١/ ٤٨١)، والطبراني في «الأوسط» (٣/ ١٤٠)، وابن حزم في «المحلى» (٧/ ٤٤) وصححه، ووافقه ابن الملقن في «البدر المنير» (٦/ ١٥). ورجح وقفه ابن خزيمة والبيهقي، وابن دقيق العيد في «الإلمام» (١/ ٣٦٧).
انظر: «بيان الوهم» (٢/ ٥٨٤ - ٥٨٧)، «نصب الراية» (٣/ ٦ - ٧).
(¬٣) في (ف): «حتى لو».
(¬٤) في (ف): «أو الإنبات»، وقد سقط منها واو العطف قبل «لأن» أيضًا.
(¬٥) سقط «في» من الأصل، فأثبت في المطبوع: «حقيقة الإدراك».

الصفحة 29