كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

أمَّا فعلُها في الوقت المضروب لها ففرضٌ، وتأخيرُها عنه عمدًا من الكبائر، لقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] والمحافظةُ (¬١): فعلُها في الوقت، لأنَّ سببَ نزول هذه (¬٢) الآية تأخير الصلاة يوم الخندق دون تركها (¬٣)، لأنَّ السلف فسَّروها بذلك (¬٤)، ولأنَّ المحافظة خلاف الإهمال والإضاعة، ومَن أخَّرها عن وقتها فقد أهملها ولم يحافظ عليها.
وقولِه تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: ٥٩]. وإضاعتُها: تأخيرُها عن وقتها. كذلك فسَّرها ابن مسعود (¬٥) وإبراهيم (¬٦) والقاسم بن مُخَيْمِرة (¬٧) والضحاك (¬٨) وغيرهم، من غير مخالفٍ لهم (¬٩). قال
---------------
(¬١) زاد بعدها في المطبوع: «عليها».
(¬٢) لم ترد «هذه» في الأصل.
(¬٣) وكذا قال في سبب نزول الآية في مواضع أخرى. انظر: «مجموع الفتاوى» (٧/ ٥٧٨)، (٢١/ ٤٣٣) و «جامع المسائل» (٦/ ٣٥٣). وانظر تفسيره للآية في «مجموع الفتاوى» (٧/ ٦١٤)، (١٥/ ٢٣٤) و «جامع المسائل» (٤/ ١٢١).
(¬٤) انظر: «تفسير الطبري» (٥/ ١٦٨ - شاكر)، و «مجموع الفتاوى» (٣/ ٤٢٨).
(¬٥) أخرجه الطبري في «جامع البيان» (١٥/ ٥٦٩)، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٧٧) إلى عبد بن حميد.
(¬٦) عزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٧٧) إلى سعيد بن منصور.
(¬٧) في المطبوع: «محمد». وكذا قال ناسخ (ف) في تعليقه: «لعله محمد». والصواب ما ورد في النسختين. وتفسيره أخرجه الطبري في «جامع البيان» (١٥/ ٥٦٧).
(¬٨) لم أقف عليه مسندًا.
(¬٩) كذا في «الكشف والبيان» للثعلبي (٦/ ٢٢١) ذكر قول الأربعة ولم يشر إلى قول آخر. وقد خالفهم محمد بن كعب القرظي، وفسَّر الإضاعة بالترك، ورجَّحه الطبري (١٥/ ٥٦٩ - هجر) والزجاج في «معانيه» (٣/ ٣٣٥). وانظر: «تفسير ابن كثير» (٥/ ٢٤٣).

الصفحة 37