كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فهذا يدلُّ على أنَّ القتال مأمورٌ به إلى أن يوجد فعلُ الصلاة والزكاة، إذ لو كان مجرَّدُ الاعتقاد كافيًا لاكتُفي بشهادة أنَّ محمدًا رسول الله، فإنها تنتظم تصديقَه (¬١) بجميع (¬٢) ما جاء به، ولم يكن لتخصيص الصلاة والزكاة بالاعتقاد دون غيرهما معنًى. ثم قوله: «فإذا فعلوا ذلك عصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم» دليلٌ على أن العصمة لا تثبت إلا بنفس إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع الشهادتين.
ثم فهم أبو بكر - رضي الله عنه - (¬٣) منه حقيقة الإيتاء (¬٤) بموافقة الصحابة له على ذلك، حتى قال: «لو منعوني عِقالًا ــ أو: عَناقًا ــ كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَقاتلتُهم على منعها» (¬٥). ولم يقل: «على جَحدِها» وتعميمُه مَن منَعها جاحدًا أو معترفًا دليلٌ على أنَّ الفعل مراد.
فإن قيل: فقد روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا لا اله إلا الله، فإذا قالوها عصَموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا
---------------
(¬١) في (ف): «بتصديقه»، وفي المطبوع: «بصدقه»، تصحيف.
(¬٢) في (ف): «في جميع».
(¬٣) في (ف): «الصديق» مكان الترضِّي.
(¬٤) في الأصل والمطبوع: «الاتباع»، تصحيف.
(¬٥) أخرجه البخاري عن أبي هريرة (٧٢٨٤) ومسلم (٢٠).

الصفحة 50