كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وقال بعضهم: بل يُقتَل بترك الأولى وإن كانت فائتة, وكذلك يُقتَل بترك كلِّ فائتة.
وقال كثير منهم: بل لا بد أن يضيق وقت الثانية أو الرابعة (¬١). والقتل عندهم وجب بترك الثانية مع ترك الأولى، لأنّا نستدِلُّ على ترك الثانية بترك الأولى، وليتحقَّق (¬٢) الترك، لأنَّ تركَ الأولى لا يتحقَّق حتى يفوت (¬٣) فتصير فائتة, فلا يُقتل بها وحدَها. فإذا ضاق وقتُ الثانية تحقق الدوامُ على الترك. وهذا كما قلنا في الوعيد: إنه ليس بإكراه، فإذا عذَّب ولم يفعل المكرَه عليه، ثم توعَّد، صار إكراهًا مضمومًا (¬٤) إلى العذاب الأول. وقد أشار أحمد إلى هذا، فقال (¬٥): إذا ترك الفجر عامدًا، حتى وجبت عليه أخرى، فلم يصلِّها= يستتاب. فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
وكذلك الأحكام التي (¬٦) لا يمكن تعليقها (¬٧) بالماضي لأنه (¬٨) فائت، ولا بالمستقبل لأنه مظنون= تُعَلَّق بهما (¬٩) وإلا أفضى إلى تبطيلها. وقد صرَّح
---------------
(¬١) في الأصل والمطبوع: «والرابعة».
(¬٢) في الأصل: «يتحقق»، وفي المطبوع: «بتحقق». والمثبت من (ف).
(¬٣) يعني: الوقت.
(¬٤) في المطبوع: «معصومًا»، تحريف.
(¬٥) في رواية أبي طالب. انظر: «مسائل الروايتين» (١/ ١٩٥).
(¬٦) «التي» ساقط من المطبوع، والظاهر أن المحقق حذفه لإصلاح النص.
(¬٧) في الأصل: «تعلقتها»، وفي المطبوع: «تعلقها». والمثبت من (ف).
(¬٨) في المطبوع: «فإنه» خلافًا للأصل.
(¬٩) يعني بالماضي والمستقبل معًا. وفي الأصل: «بها»، وفي المطبوع: «فلا تُعلَّق به»، زاد «فلا» دون تنبيه. وهو خلاف المقصود.

الصفحة 57