كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الثاني: أنَّ الخلاف هنا شاذّ مسبوق بالإجماع قبله.
الثالث: أن الخروج من الخلاف في هذه المسائل لا سبيل إليه, فإن أكثر الناس ينهون عن القراءة ويرون ذلك مما ينقص (¬١) الصلاة, فرعايتهم في الاختلاف أولى.
وأما الحديث المذكور (¬٢)، فقد ضعَّفه الإمام أحمد وغيره، وقال: لا يصح عندنا. وقد وقفه رجاء بن حيوة على عُبادة (¬٣) , وهو أشبه بالصحة. والإسناد الذي وثّقه (¬٤) الدارقطني قد طعن فيه جماعة (¬٥). وبالجملة فإسناده لو تجرَّد عن معارض لكان مقارب الحال, لكن اختلف (¬٦) الرواة في الإسناد وقفًا ورفعًا, ومن وقفه [ص ٢٨١] أوثق ممن رفعه. واختلافهم في رجاله (¬٧) أوجب علَّةً في الحديث مع معارضة الأحاديث التي هي صحيحة.
وبكلِّ حال، فما صحَّ في هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه، فمعناه ــ والله أعلم ــ: لا تقرؤوا في صلاة الجهر إلا بأم الكتاب في حال سكتات الإمام, لا في حال جهره. وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له سكتتان أو ثلاثة, تتسع لقراءة الفاتحة فيها, فلا يحتاجون إلى القراءة في غيرها.
---------------
(¬١) في المطبوع: «ينتقص»، والمثبت من الأصل.
(¬٢) سيأتي لفظه (ص ٧٣٣).
(¬٣) الرواية الموقوفة أخرجها ابن أبي شيبة (٣٧٩١).
(¬٤) في الأصل والمطبوع: «وقفه»، ولعل الصواب ما أثبت، انظر: «سنن الدارقطني»: (١/ ٣١٩، ٣٢٠).
(¬٥) انظر «التمهيد» (١١/ ٤٦)، و «التحقيق» لابن الجوزي (١/ ٣٦٨ - ٣٦٩).
(¬٦) في الأصل: «اختلاف»، والمثبت من حاشية الناسخ.
(¬٧) في الأصل: «وفي رجاله» مع ثلاث نقط على الواو. ولا شك أنَّ الواو مقحمة.

الصفحة 724