كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فجهَر (¬١)، فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاته. فإن لم يفعل فإنَّ صلاته خِداج غير تمام».
قلنا: لأن الدلالة قد قامت على أنها لا تجب، كما تقدَّم. وهذه الأحاديث وإن احتججنا بها في الاستحباب, فلا يلزم مثله في الإيجاب, فإن فيها ضعفًا لا يقاوم الأحاديث الصحيحة. ثم المراد بها استحباب القراءة، لأن في حديث أبي قلابة المتقدِّم: «إن كنتم لا بد فاعلين فليقرأ بفاتحة الكتاب في نفسه». وفي لفظ: «فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه». وهذا صريح في أنه أراد الإذن والإباحة, لا سيما وقد استثناه من النهي, وذلك لا يفيد إلا الإذن.
ولأن في حديث عبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: «فإنِّي أراكم تقرؤون وراء إمامكم». وفي لفظ: «هل تقرؤون إذا جهرتُ بالقراءة؟». فلو كانت قراءة المأمومين واجبة، كما يجب عليهم التكبير والتشهد والتسليم, [ص ٢٨٦] لم يسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل يفعلون ذلك؟ بل كان يكون قد أمرهم بذلك، وبيَّنه لهم قبل ذلك؛ لأن تأخير البيان لا يجوز. وأيضًا فوجوده في تلك الصلاة دون غيرها دليل على أنه لم يكن عادة, وأنه لم يكن يفعلوه (¬٢) كلُّهم.
وأما قوله في تمام الحديث: «فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» تعليلٌ
---------------
(¬١) كذا في الأصل و «تنقيح التحقيق» للذهبي، وابن عبد الهادي (٢/ ٢١٨). وفي «سنن الدارقطني» (١٢٢٠): «يجهَر». وكذا أثبت في المطبوع دون تنبيه على ما في الأصل.
(¬٢) كذا في الأصل.

الصفحة 736