كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وَأَنْصِتُوا}. فقال: عمن يقول هذا؟ أجمع الناس أنَّ هذه الآية في الصلاة.
وقال في رواية المرُّوذي في هذه الآية: هي في الصلاة والخطبة (¬١).
وهذا لأن القراءة في الصلاة والخطبة إنما شُرعت لأجل استماع الناس, فلو لم يكن ذلك واجبًا لبطل معنى الاقتداء في الصلاة والخطبة.
والإنصات: السكوت على وجه الإصغاء إلى الشيء, ويقال: الاستماع. والإنصات: الإصغاء إلى الكلام, والإقبال عليه. فقد أمر باستماع القرآن وبالسكوت إذا كان الإمام يقرأ, وفي الاشتغال بالقراءة تركٌ لهذين الواجبين, والفاتحةُ وغيرها في ذلك سواء.
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: إنَّ نبيَّ الله خطبَنا, فعلَّمنا سنَّتنا, وبيَّن لنا صلاتنا, فقال: «ليؤمَّكم أحدُكم, فإذا كبَّر فكبِّروا, وإذا قرأ فأنصِتوا» رواه الجماعة (¬٢) إلا البخاري والترمذي.
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ص ٢٨٧] قال: «إنما جُعِل الإمام ليؤتمَّ
---------------
(¬١) «بدائع الفوائد» (٣/ ١٠٣٤).
(¬٢) أحمد (١٩٥٩٥)، ومسلم (٤٠٤)، وأبو داود (٩٧٢، ٩٧٣)، والنسائي (١٢٨٠)، وابن ماجه (٨٤٧)، بألفاظ مختلفة مطولًا ومختصرًا، وأخرجه بالسياق الذي أورده الشارح الدارقطني (١/ ٣٣٠) ــ ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ١٥٦) ــ وأعله بسالم بن نوح.
قال أبو داود: «قوله: «فأنصتوا» ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث»، وفي ثبوت هذا الحرف في حديث أبي موسى وأبي هريرة الآتي خلاف بين النقاد، انظر: «العلل» للدارقطني (٧/ ٢٥٢ - ٢٥٤)، «السنن الكبرى» للبيهقي (٢/ ١٥٥ - ١٥٦).

الصفحة 738