كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ورواه حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله سعيد بن العاص بطبرستان عنها. رواه أحمد (¬١).
والأفضل: أن يصلِّي كما وصفنا من صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعًا للسنَّة، فيسجد الصفُّ الذي يلي الإمام، ويحرس الصفُّ المؤخَّر. وإذا كانت الركعة الثانية تقدّم هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، وتأخَّر هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء؛ لأنَّ سجود (¬٢) الذين يلون الإمام معه أقرب إلى متابعته ورؤيتهم له، المصحِّح لاقتدائهم. وفي انتقال كلِّ واحدة إلى مَصفِّ (¬٣) الأخرى تعديل بين الصفَّين، مع أنه موافق لظاهر قوله: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} يعني: إذا سجدوا معك فليكونوا من وراء الإمام والصفِّ الذي يليه. {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} يحتمل: لم يصلُّوا السجدتين معك.
---------------
(¬١) برقم (٢٣٤٥٤)، من طريق أبي إسحاق، عن سُليم بن عبد السَّلولي قال: كنا مع سعيد بن العاص ومعه نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: «أنا، فأمُرْ أصحابك يقومون طائفتين ... » إلخ بنحو حديث أبي عيّاش وجابر.
إسناده جيّد، وصححه ابن خزيمة (١٣٦٥).
وقد روي هذا الحديث من طريق آخر صحيح بلفظ: «فصلى بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا». أخرجه أبو داود (١٢٤٦)، وابن خزيمة (١٣٤٣)، وابن حبان (١٤٥٢)، والحاكم (١/ ٣٣٥). فذهب البيهقي إلى تأويله ليوافق رواية سليم بن عبد عن حذيفة، لأن القصة واحدة، فوجب حمل إحدى الروايتين على الأخرى. انظر: «السنن الكبرى» (٣/ ٢٦٢).
(¬٢) في الأصل: «السجود»، خطأ.
(¬٣) كتب الناسخ أولًا «مصاف»، ثم ضرب عليه وكتب فوقه: «مصف».

الصفحة 774