كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وإنما حملناها على هذا لأن في الحديث أن الآية نزلت بسبب هذه الصلاة، فتكون الآية تعُمُّ هذه الصفة. وفي كلِّ شيء بحسبه.
وذكر القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب (¬١) [٢٥٩/أ] أن الصفَّ الذي يلي الإمام هم الذين يحرسون في الأولى، وأنّ صفًّا غيرهم يحرس (¬٢) في الثانية، لأن حراسة المتقدمين أقرب إلى العلم بحال العدو. وجوَّزوا (¬٣) انتقال كلِّ طائفة إلى مقام أصحابها، من غير ذكر استحباب.
والصحيح ما تقدَّم، لما (¬٤) في الحديث. وليس في هذه الصفة ما يخالف القياس إلا تخلُّفَ المأموم عن متابعة الإمام في السجدتين، ومثل هذا جائز لعذر، أو انتقالَ كلِّ طائفة إلى مقام أصحابها.
الوجه الثالث (¬٥): ما روى ابن عمر، قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو. فصلَّى بالذين معه ركعةً، ثم ذهبوا. وجاء الآخرون، فصلَّى بهم ركعةً. ثم قضت الطائفتان ركعةً ركعةً. متفق عليه (¬٦). وفي رواية (¬٧): ثم صلَّى بهم ركعة، ثم
---------------
(¬١) انظر: «الهداية» (ص ١٠٧) و «الفروع» (٣/ ١١٧).
(¬٢) في الأصل: «تحرس».
(¬٣) في الأصل: «حرروا»، تصحيف.
(¬٤) في الأصل: «كما».

(¬٥) يعني الصفة الثالثة.
(¬٦) البخاري (٩٤٢)، ومسلم (٨٣٩ - ٣٠٦) واللفظ له.
(¬٧) عند مسلم (٨٣٩ - ٣٠٥)، وفي البخاري (٤١٣٣) بنحوها.

الصفحة 775