كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

يخيَّر بين أن يصلّي بحسب حاله وبين أن يؤخِّرها إلى أن يأمن. نصَّ عليه في هذه الرواية، لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منصرفَه من الأحزاب قال: «لا يصلينَّ أحد العصرَ إلّا في بني قريظة». فصلَّى بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم [٢٦١/ب]: لا نصلي، وقال بعضهم: بل نصلِّي، لم يُرَدْ ذلك منَّا. فذُكِر لنبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يعنِّف واحدًا منهم (¬١).
وقال البخاري (¬٢): قال أنس: حضرتُ مناهضةَ [حصن] (¬٣) تُسْتَر عند إضاءة الفجر، واشتدَّ اشتعالُ (¬٤) القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصلِّ (¬٥) إلا بعد ارتفاع النهار، فصلَّيناها، ونحن مع أبي موسى، ففُتِح لنا. فقال أنس: وما يسُرُّني بتلك الصلاة الدُّنيا وما فيها.
ولأن الصحابة ليلةَ الهَرِير (¬٦) من ليالي الصِّفِّين أخَّروا صلاة يوم وليلة إلى الغد، ثم تتاركوا حتَّى قضوها (¬٧). ولو لا أنّ تأخير الصلاة في مثل هذه
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٩٤٦) ومسلم (١٧٧٠).
(¬٢) في باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو، قبل الحديث (٩٤٥). وقد وصله ابن سعد في «الطبقات» (٥/ ٣٣٣) وابن أبي شيبة (٣٤٥١٤).
(¬٣) ساقط من الأصل
(¬٤) في الأصل: «اشتغال»، تصحيف.
(¬٥) في الأصل: «فلم يصلي»، تصحيف.
(¬٦) في الأصل: «الهربه»، تصحيف.
(¬٧) لم أقف عليه، وفي صحته نظر، إذ يُروى أن عليًّا صلى بأصحابه المغربَ صلاةَ الخوف ليلة الهرير: بالطائفة الأولى ركعةً، وبالثانية ركعتين. انظر: «الرسالة» للشافعي (ص ٢٦٣) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٣/ ٢٥٢).

الصفحة 782