كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

الحال [جائز] (¬١) كانوا لما فعلوه.
ولأنَّ المحافظة على الوقت يفوت معها معظم الشروط والأركان، ويحصل معها مفسدات كثيرة، ويُخاف من اشتغال القلب بالصلاة عن مراعاة أمر العدو الذي هو أهمّ في هذه الساعة. ولأن الجهاد فرض، وهو مشغول به عن غيره، يخيَّر بين الأمرين.
والأول أصحّ، لأن الله سبحانه قال: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]. فأمر بالمحافظة، وهي الصلاة في الوقت، ولم يستثن حالًا من الأحوال، فعمَّ ذلك حالَ الخوف وغيرَه. ثم أفرده بالذكر لبيان دخوله، فقال: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩].
وعن عبد الله بن عمر أنه وصف صلاة الخوف، قال: فإذا كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صلَّوا قيامًا على أقدامهم وركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. قال نافع: ولا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك [٢٦٢/أ] إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. روا ه البخاري (¬٢). ورواه ابن ماجه (¬٣) مرفوعًا من غير شكّ.
ولأن الصلاة لا يجوز تأخيرها بالعجز عن بعض شرائطها وأركانها، بل يصلِّي في الوقت على حسب حاله. وأما تأخير من أخَّر العصر يوم بني قريظة، فإنه كان في سنة الخندق لما أخَّر نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العصر يوم
---------------
(¬١) زيادة يقتضيها السياق. وقد تكون كلمة «كانوا» بعدها تحريف «جائز».
(¬٢) برقم (٤٥٣٥)، وقد سبق.
(¬٣) برقم (١٢٥٨).

الصفحة 783