كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
[٢٣٦/أ] والثاني: ما يتعلق بأحكام الآخرة، من الانحياز (¬١) عن أمة محمد، واللَّحاق بأهل الكفر، ونحو ذلك= فهذا قد يجري (¬٢) على كثير ممن يدعي الإسلام. وهم المنافقون الذين أمرُهم بالكتاب والسنة معلوم، الذين قيل فيهم: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} إلى قوله: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} الآية [الحديد: ١٣ - ١٤]. فمن لم يصلِّ، ولم ينو (¬٣) أن يصلِّي قطُّ، ومات على ذلك من غير توبة= فهذا تارك الصلاة، مندرجٌ في عموم الأحاديث؛ وإن لم يظهر في الدنيا حكمُ كفره.
ومن قال من أصحابنا: لا يُحكَم بكفره إلا بعد الدعاء والامتناع، فينبغي أن يُحمَل قولُه على الكفر الظاهر. فأما كفر المنافقين فلا يجوز (¬٤) أن يُشترَط له ذلك، فإنَّ أحمد وسائر أصحابنا لم يشترطوا لحقيقة الكفر هذا الشرط.
فأما إن أخَّرها عن وقتها، وفعَلها فيما بعد، فمات؛ أو كان ممَّن نيَّته (¬٥) أن يفعلها فيما بعد، فمات= فهذا مع أنه فاسق من أهل الكبائر ليس بكافر، كالأمراء الذين يؤخِّرون الصلاة حتى يخرج وقتها (¬٦). ولذلك أمرنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن نصلِّي
---------------
(¬١) في المطبوع: «والانحياز»، أثبت الواو في موضع «من»، وهو خطأ.
(¬٢) في الأصل: «يجر» مهملة. وفي المطبوع: «يجوز».
(¬٣) في الأصل والمطبوع: «ير».
(¬٤) «يجوز» ساقط من الأصل، فحذف في المطبوع «أن».
(¬٥) في المطبوع: «يلزمه». والصواب ما أثبت من النسختين.
(¬٦) في المطبوع: «الوقت»، والمثبت من الأصل.