كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وهذا الخروج إما أن يكون خروجه من المدينة إلى مكة، أو خروجه من مكة إلى حُنين؛ [ق ٩] فإنه لم يزل صائمًا في خروجه إلى أن بلغ الكَديد، كما في حديث ابن عباس المشهور (¬١)، كما تقدم في الرواية الأخرى، وأما خروجه إلى حُنين ... (¬٢).
ثم قد رُوي عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوةَ الفتح في رمضان، وقال: «صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى [إذا] بلغ الكَديد ــ الماء الذي بين قُدَيد وعُسْفان ــ أفطر حتى انسلخَ الشهرُ». رواه البخاري (¬٣).
وهذا يقتضي أنه لم يَشْرع في صومٍ بعد يوم الكَديد، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما غزا في رمضان غزوةَ بدرٍ وغزوةَ الفتح خاصة.
وعن سيَّار بن مِخْراق: أنه سأل ابنَ عمر عن صيام المسافر؟ فقال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربعَ عشرةَ مضت من رمضان، فأناخ راحلتَه، ووضع إحدى رجليه في الغَرْز والأخرى في الأرض، فدعا بلَبَنٍ من لبنها، فشرب». رواه حرب (¬٤).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٤٢٧٦ وغير موضع)، ومسلم (١١١٣).
(¬٢) بياض في النسختين.
(¬٣) (٤٢٧٥) وما بين المعكوفين منه.
(¬٤) لعله في «مسائله»، وليس في القطع المطبوعة منها. والحديث أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار- مسند ابن عباس» (١٤٢)، والطبراني في «الأوسط» (٧٥١٠) وقال: «لم يرو هذا الحديث عن سيار بن مخراق إلا سعد بن أوس، ولا عن سعد إلا محمد بن دينار، تفرّد به سعيد بن أبي الربيع». وقال الهيثمي في «المجمع»: (٣/ ١٦٣): «وفيه من لم أعرفه».

الصفحة 43