كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صومُكم يوم تصومون» (¬١).
وقال ابن عمر: «صُم مع الجماعة، وأفْطِر مع الجماعة» رواه حنبل. وقال أبو سعيد: «إذا رأيتَ هلالَ رمضان فصم، وإذا لم تره فصم مع جماعة الناس، وأفطر مع جماعة الناس» رواه الأثرم (¬٢).
ولأن الإمام أحوط في هذا وأشدّ مراعاةً، فوجب اتباعُه في هذا كما يُتّبَع فيما يأمُرُ به من الجهاد وغيره، وكما لو قال: ثبت عندي صومُ أوّل يوم من رمضان، وكان ثبوته بشاهدٍ واحد، وجب اتباعُه على مَن لا (¬٣) يوجب الصومَ بشاهد واحد، ذكره القاضي (¬٤).
ووجه الأول: ما رواه أحمد، حدثنا إسماعيل، أنبأنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الشهر تسعٌ وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمّ عليكم فاقْدُروا له».
قال نافع: فكان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسعٌ وعشرون يبعث مَن ينظر، فإن رُئيَ (¬٥) فذاك، وإن لم يُرَ ولم يَحُل دون منظره سحابٌ
---------------
(¬١) أخرجه الدراقطني (٢١٨٠)، والبيهقي: (٤/ ٢٥٢). من طريق محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك.
(¬٢) أثر ابن عمر سبق تخريجه، وأثر أبي سعيد لم أقف عليه.
(¬٣) كذا، ولعل الصواب «على من يوجب».
(¬٤) لعله في «التعليقة الكبيرة»، وكتاب الصيام ليس في القطعة المطبوعة منه.
(¬٥) في المطبوع: «رأى».

الصفحة 62