كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

نفسي بيده لا أزيدُ على هذا شيئًا ولا أنقصُ منه. فلمّا ولَّى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سرَّهُ أن ينظرَ إلى رجلٍ منْ أهلِ الجنةِ، فلينظر إلى هذا» متفق عليه (¬١).
وعن طلحة بن عُبيد الله قال: جاء رجل إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجدٍ ثائرُ الرأس، نسمَع دَوِيَّ صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ» فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تتطوَّع». قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وصيامُ رمضانَ». قال: هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تتطوّع». قال: وذَكَر له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاةَ، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تتطوّع». قال: فأدبرَ الرجلُ، فقال: والله لا أزيدُ على هذا ولا أنقصُ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفلحَ إنْ صَدَق» (¬٢).
وعن أبي جمرة (¬٣)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ وفدَ عبد القيس لمّا أتوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن القومُ (أو: مَن الوفد)؟» قالوا: ربيعة. قال: «مرحبًا بالقوم (أو بالوفد) غير خَزايا ولا نَدامى». فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحيّ من كُفّار مُضَر، فمُرْنا بأمرٍ فصلٍ نُخْبِرْ به مَن وراءَنا وندْخُلْ به الجنةَ. قال: فأمرهم بأربعٍ ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، وقال: «أتدرونَ ما الإيمانُ بالله وحْدَه؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «شهادةُ أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسولُ الله، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وصومُ رمضانَ، وأن تُعْطوا من المَغْنَمِ الخُمُسَ». ونهاهم عن أربع، عن
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٣٩٧)، ومسلم (١٤).
(¬٢) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١).
(¬٣) وقع في النسختين: «أبي حمزة» تحريف. وأبو جمرة هو نصر بن عمران البصري، ترجمته في «تهذيب التهذيب»: (١٠/ ٤٣٢).

الصفحة 7