كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

ولو كانت السماء مُصْحية وأراد التغافل عن رؤية الهلال لئلا يصوم ذلك اليوم لم يجز، فعُلِم الفرق بينهما.
ولأن الله سبحانه قال في الفجر: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: ١٨٧]، فعلّق الحكمَ بالتبيُّن (¬١)، وقال هنا: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ} [البقرة: ١٨٩]، فعلّق الحكمَ بنفس الهلال لا بمجرّد رؤيته.
وأيضًا، فإن الصوم عبادةٌ مقدَّرة بوقت وجوبها، فوجبت مع الاشتباه، كالصلاة في آخر الوقت، والشكّ في آخر الشهر، وهذا لأنه إذا شكّ في (¬٢) تضايُق وقت الصلاة وجب عليه (¬٣) فعلُها حذَرَ الفوات، مع أن الأصل بقاء الوقت، فكذلك الصوم مثله سواء.
فعلى هذا صوم يوم الغيم واجب في المشهور عند أصحابنا، ويتوجّه [أنه جائز لا واجب] (¬٤).
وأما الأحاديث المتقدّمة، فقد أجاب أصحابنا عنها أنها بين صحيح لا دلالة فيه، أو ظاهر الدلالة لكن في إسناده مقال ويقبل التأويل.
قالوا: فكل موضع جاء فيه: «فأكملوا العدة» فالمراد به إكمال عدة
---------------
(¬١) في المطبوع: «بالتبيين».
(¬٢) سقطت من المطبوع.
(¬٣) في النسختين «عليها» وكتب في هامشهما: «لعله: عليه» وهو الصواب.
(¬٤) ما بين المعكوفين بياض في النسختين، والإكمال استظهارٌ نقلَه ناسخُ ق في هامش أصله الذي ينقل منه. وليس تعليق الناسخ على قوله «واجب» كما في هامش المطبوع.

الصفحة 87