كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

ثعلبة وافدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقدِمَ عليه، فأناخ بعيره (¬١) على باب المسجد، ثم عقَلَه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في أصحابه في المسجد. وكان ضِمام بن ثعلبة رجلًا جَلْدًا أشعرَ ذا غَديرتينِ، قال: فأقبل حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أصحابه، فقال: أيكم ابنُ عبد المطلب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا ابن عبد المطلب». قال: أمحمدٌ؟ قال: «نعم». قال: يا ابنَ عبد المطلب، إني سائلُك ومغلِّظٌ عليك في المسألة، فلا تَجِدَنَّ في نفسك، فقال: «لا أجد في نفسي، سَلْ عما بدا لك». قال: أَنشُدك الله (¬٢) إلهك وإله من كان (¬٣) قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن نعبدَه وحده لا نُشرِك به شيئا، وأن نخلعَ هذه الأوثان التي كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال: «اللّهم نعم». قال: فأَنشُدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن نُصلِّي هذه الصلوات الخمس؟ قال: «اللّهم نعم». قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضةً: الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها، يناشده عند كل فريضةٍ كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وسأؤدِّي هذه الفرائض، وأَجتنب ما نهيتَني عنه، ثم لا أزيد ولا أنقص. قال: ثم انصرف إلى بعيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن صدَقَ ذو العَقِيصتينِ يدخل الجنة». قال: فأتى بعيرَه فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه،
---------------
(¬١) في المطبوع: «بعيرة»، خطأ مطبعي.
(¬٢) ق: «بالله».
(¬٣) «كان» ساقطة من ق.

الصفحة 10