كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج والعمرة فريضتان واجبتان».
وروى سعيد بن أبي عَروبة في «المناسك» (¬١) عن قتادة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما هي حجة وعمرة، فمن قضاهما فقد قضى الفريضة، ومن أصاب بعد ذلك فهو تطوُّع».
وعن قتادة أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «يا أيها الناس، كُتِب عليكم الحج، يا أيها الناس كُتِب عليكم العمرة، يا أيها الناس كُتِب عليكم أن يأخذ أحدكم من ماله فيبتغي به من (¬٢) فضل الله فإن فيه الغنى والتصديق، وأَيمُ الله! لأن أموتَ وأنا أبتغي بمالي في الأرض من فضل الله عز وجل أحبُّ إليَّ من أن أموت على فراشي» (¬٣).
وأيضًا فإن العمرة هي الحج الأصغر بدليل قوله سبحانه: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: ٣]، فإن الصفة إذا لم تكن مبيِّنةً لحال الموصوف فإنها تكون مقيِّدة له ومميِّزة له عما يشاركه في الاسم. فلما قال: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} عُلم أن هنالك حجًّا (¬٤) أصغر لا يختصُّ بذلك اليوم، لأن الحج الأكبر له وقت واحد لا يصح في غيره، والحج الأصغر لا يختصُّ بوقت.
وقد روى الدارقطني (¬٥) عن ابن عباس قال: «الحج الأكبر يوم النحر،
---------------
(¬١) (٢، ٨٠). والحديث ضعيف للإرسال.
(¬٢) «من» ساقطة من ق.
(¬٣) «المناسك» لابن أبي عروبة (٨١). وهو مُرسل أيضًا، قتادة لم يولَد إلا بعد وفاة عمر.
(¬٤) س: «هناك حج».
(¬٥) (٢/ ٢٨٥) ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (٤/ ٣٥٢)، وإسناده صحيح. وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (١٣٨٣٩) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١٧٦٢) بنحوه بإسناد آخر صحيح.