كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

استطعتم، فإذا أمرتكم بأمر فاتبعوه، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه، فإنما أَهلك من كان قبلكم (¬١) اختلافُهم على أنبيائهم وكثرةُ سؤالهم. ألا وإنما هي حجة وعمرة، فمن قضاهما فقد قضى الفريضة، فما أصاب بعد ذلك فهو تطوُّع». رواه سعيد بن أبي عروبة في «مناسكه» (¬٢) عنه.

الفصل الرابع
أنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم، لأن الله سبحانه قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]، فنهاهم (¬٣) أن يقربوه، ومنعهم منه فاستحال أن يؤمروا بحجه.
ولأنه لا يصح الحج منهم، ومحال أن يجب ما لا يصح، لِما روى أبو هريرة أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بعثه في الحجة التي أمَّره [عليها] (¬٤) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حجة الوداع يوم النحر في رهطٍ (¬٥) يؤذّن في الناس: «ألا لا (¬٦) يحجُّ بعد العام مشرك، ولا يطوفُ بالبيت عُريان». متفق عليه (¬٧).
---------------
(¬١) ق: «أهلك الذين من قبلكم».
(¬٢) رقم (٢). والحديث مُرسل، يشهد له في الجملة حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس المذكوران آنفًا، إلَّا في زيادة: «وعمرة».
(¬٣) س: «فنها».
(¬٤) ما بين المعكوفتين من البخاري ومسلم.
(¬٥) «في رهط» ساقطة من ق.
(¬٦) «لا» ساقطة من س.
(¬٧) أخرجه البخاري (١٦٢٢) ومسلم (١٣٤٧).

الصفحة 31