كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] قالت اليهود: فنحن مسلمون (¬١)، فقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فحُجُّوا، فأبوا فأنزل الله (¬٢): {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} من أهل الملل.
وفي رواية (¬٣): لما نزلت {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} قالت الملل: فنحن المسلمون (¬٤)، فأنزل الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} فحج المسلمون، وقعد الكفار.
ولا يجب على الكافر سواء كان أصليًّا أو مرتدًّا، في أقوى الروايتين، فلو ملكَ في حال كفره زادًا وراحلة، ثم أسلم وهو مُعدِم (¬٥)، فلا شيء عليه، لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]. وأما إذا وجب على المسلم فلم يفعله حتى ارتد ثم أسلم، فهو باقٍ في ذمته، سواء كان قادرًا أو عاجزًا، في المشهور من المذهب (¬٦).
---------------
(¬١) س: «المسلمون».
(¬٢) «فأنزل الله» ساقطة من ق.
(¬٣) أخرجها الطبري (٥/ ٥٥٥) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٢/ ٦٩٩) عن عكرمة. وأخرج البيهقي في «الكبرى» (٤/ ٣٢٤) نحوها عن مجاهد.
(¬٤) س: «مسلمون».
(¬٥) ق: «معدوم».
(¬٦) انظر «المغني» (٢/ ٤٨).