كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
به، كما لم يأمره (¬١) بتكرار الحج والطواف، فعند هذا يكون قول السائل: «عليه فريضة الله في الحج»، «إذا أدركته فريضة الله» ونحو ذلك= كان لمِلْكه الزاد والراحلة، وقد بلغ هؤلاء أن مَن مَلَك الزاد والراحلة فعليه فريضة الله في الحج، ولم يعلموا حكم العاجز عن الركوب: أيسقط عنه أم يتجشَّم المشاقَّ وإن أضرَّ به وهلك في الطريق، أم يستخلف مَن يحج عنه؟ ولهذا جزمت السائلة فقالت: «إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج»، وقال الآخر: «أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوب عليه». ولن يقول هذا إلا من قد علم أنه مكتوب عليه وواجب. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج عن الآباء، ولم يستفصلهم هل ملكوا مالًا أم لا، لوجهين:
أحدهما: أنهم إنما سألوه عن جواز النيابة وإسقاطها فرضَ حجة الإسلام، وهذا لا يختلف الحال فيه بين الواجد والمُعدِم، فلم يكن للاستفصال وجه. وكل معضوب إذا حَجَّ عنه (¬٢) غيرُه بإذنه أسقط عنه الفرض، حتى لو ملك بعد هذا مالًا لم يجب عليه حجة أخرى. وشبَّهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدين في جواز الأداء عن الغير. فإن من عليه دين وهو قادر على وفائه من ماله أو عاجز عنه، إذا أدَّاه غيره عنه بإذنه جاز، كذلك الحج (¬٣).
---------------
(¬١) «به كما لم يأمره» ساقطة من ق.
(¬٢) «عنه» ساقطة من س.
(¬٣) س: «الحج اذا».