كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
ولأنه بعد التحلل الأول ليس بمحرم، إذ لو كان محرمًا لما جاز له قتل الصيد، ولا لبس الثياب، ولا الطيب، ولا حلق الشعر، لكن عليه بقية من إحرامٍ (¬١) هو تحريم الوطء، ومجرد تحريم الوطء لا يُبطِل ما مضى قبله من العبادة.
ومعنى قولنا: إذا وطئ بعد التحلل الأول أي بعد رمي جمرة العقبة، سواء ذبح وحلق أو لم يحلق ولم يذبح، وسواء قلنا: التحلل يحصل بمجرد الرمي أو لا يحصل إلا به وبالحلق. هذا هو المنصوص عن أحمد، وهو الذي عليه قدماء الأصحاب، ومن حقق هذا منهم، مثل الخرقي (¬٢) وأبي بكر وابن أبي موسى (¬٣) وغيرهم، فإنهم كلهم جعلوا الفرق بين ما قبل رمي جمرة العقبة وما بعدها من غير تعرضٍ إلى الحلق.
قال في رواية أبي الحارث (¬٤) في الذي يطأ ولم يرمِ الجمرة: أفسد حجه، وإن وطئ بعد رمي الجمرة فعليه أن يأتي مسجد عائشة فيحرم بعمرة، فيكون أربعة أميال مكان أربعة أميال، وعليه دم.
وهذا لأنا إن قلنا: التحلل الأول يحصل بالرمي وحده فلا كلام، سواء قلنا: الرمي واجب أو مستحب.
وإن قلنا: يحصل بالرمي والحلق. والوطء قبل الحلق كالرمي (¬٥) قبل
---------------
(¬١) في المطبوع: «الإحرام».
(¬٢) في «مختصره مع المغني» (٥/ ٣٧٤).
(¬٣) في «الإرشاد» (ص ١٧٦).
(¬٤) كما في «التعليقة» (٢/ ٢٢٨).
(¬٥) كذا في النسختين، وفي هامشهما: «لعله كالوطء».