كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
وقال في رواية ابن مُشَيش (¬١): إذا أفسد الرجل الحج فعليه الحج من قابلٍ من حيث أوجب الإحرام. قيل له: فإن كان من أهل بغداد وقد أوجب الإحرام على نفسه، ولم يكن له من قابلٍ زادٌ ولا راحلة، [قال:] فعليه متى وجد.
وقد نصَّ في المُحصَر (¬٢) على خلاف ذلك، لما تقدم عن ابن عباس أنه قال: ويحرمان من حيث أحرما. ولم يُنقل عن صحابي خلافه لقوله تعالى: {وَالْحُرُمَاتُ}، فأوجب على من انتهك حرمة ... (¬٣).
فإن قيل: قد تقدم في الحديثين المرسلين: «حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما، فأحرِما وتفرَّقا»، وهو قول النخعي، وحظُّه من القياس وافر؛ لأن تلك المسافة قطعها بإحرام صحيح (¬٤)، وإنما يقضي ما أفسده في المستقبل، ويؤيد هذا أن الواطئ بعد جمرة العقبة يقضي ما بقي عليه ... (¬٥).
فصل
وليس عليه إلا قضاء واحد. فإن كانت الحجة المقضيَّة حجة الإسلام سقط الفرض عنه إذا قضاها، وكذلك إن (¬٦) كانت نذرًا، وكذلك لو كانت
---------------
(¬١) كما في المصدر السابق (٢/ ٢٧٩).
(¬٢) نقل عنه أبو داود كما في المصدر السابق (٢/ ٢٧٩).
(¬٣) بياض في النسختين.
(¬٤) في النسختين: «بالإحرام الصحيح» والمثبت من هامشهما بعلامة ص.
(¬٥) بياض في النسختين. ولم يأت جواب الاعتراض، وانظر «التعليقة» (٢/ ٢٨٠).
(¬٦) في المطبوع: «إذا».