كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

عليهما؛ ولأن المعاني التي من أجلها حُرِّم ذلك على الرجل موجودة في المرأة وربما كانت أشدَّ.
الثاني: أنها لا يحرم عليها لبس المخيط ولا تخمير الرأس؛ فلها أن تلبس الخفين والقميص لما تقدم؛ وذلك لأنها محتاجة إلى ستر ذلك لأنها عورة، ولا يُحصِّل سترَه (¬١) في العادة إلا ما صُنِع على قدره، ولو كُلِّفتِ السترَ بغير المخيط لشقّ عليها مشقة شديدة. ولما كان الستر واجبًا وهو مصلحة عامة لم يكن محظورًا في الإحرام. وسقط عنهن التجرُّد كما سقط استحباب رفع الصوت بالإهلال والصعود على مزدلفة والصفا والمروة، لما فيه من بروزها وظهورها.

الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع، وهذا إجماع.
قال أصحابنا: وستر رأسها واجب، فقد اجتمع في حقها وجوب (¬٢) ستر الرأس ووجوب كشف الوجه، ولا يمكن تكميل أحدهما إلا بتفويت تكميل الآخر. فيجب أن تكمل الرأس لأنه أهم، كما وجب أن تستر سائر البدن ولا تتجرد؛ ولأن المحظور أن تستر الوجه على الوجه المعتاد كما سيأتي. وسترُ شيء يسير منه تبعًا للرأس لا يُعدُّ سترًا للوجه. فأما في غير الإحرام فلا بأس أن تطوف منتقبةً، نصّ عليه.
فإن احتاجت إلى ستر الوجه، مثل أن يمرَّ بها الرجال وتخاف [أن] يروا وجهها، فإنها ترسل من فوق رأسها على وجهها ثوبًا، نصّ عليه.
---------------
(¬١) ق: «ستر».
(¬٢) «وجوب» ساقطة من المطبوع.

الصفحة 708