كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

وأما قوله: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فإن محلّه المكان الذي يحلّ فيه؛ وهذا في حال الاختيار هو الحرم، كما قال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥]. فأما حال الاضطرار فإنه قد حلَّ ذبحه للمحصر حيثُ لا يحلُّ لغيره.
وأما وقت الذبح والإحلال ففيه روايتان:
إحداهما: أنه يذبحه وقت الإحصار ويحل عقيبه، نقلها الميموني وأبو طالب وابن منصور (¬١)، وهذه اختيار أصحابنا.
والثانية: لا يذبح ويحلّ إلى يوم النحر، وهي اختيار أبي بكر. قال في رواية أبي الحارث (¬٢) فيمن أُحصِر بعدو: أقام حتى يعلم أن الحج قد فاته، فإذا فاته الحج نحر الهدي وإن كان معه في موضعه، ورجع إلى أهله وعليه الحج من قابلٍ، وإن كان إحصارَ مرضٍ (¬٣) لم يحلَّ من إحرامه حتى يطوف بالبيت.
وقال في رواية ابن منصور (¬٤) في محرم أُحصِر بحج ومعه هدي قد ساقه: لا ينحر إلى يوم النحر، فقيل له: قد يئس من الوصول إلى البيت، فقال: وإن يئس، كيف ينحر قبل يوم النحر؟ ولا يحلُّ إلى يوم النحر. فإن لم يكن معه هديٌ صام عشرة أيام.
---------------
(¬١) كما في «التعليقة» (٢/ ٤٦٢).
(¬٢) كما في المصدر السابق (٢/ ٤٦٣).
(¬٣) في المطبوع: «إحصاره بمرض» خلاف ما في النسختين و «التعليقة».
(¬٤) كما في «التعليقة» (٢/ ٤٦٣). ولا يوجد في المطبوع من «مسائله».

الصفحة 105